
تجديد الحركة الوطنية الفلسطينية أم ميلاد حركة جديدة؟ هاني المصري
بعد عامين من الإبادة والتطهير العرقي والتجويع الجماعي في غزّة، تدخل فلسطين، ومعها المنطقة والعالم، مرحلةً جديدة تختلف جذرياً عما قبل "7 أكتوبر" (2023). فالمشهد الإقليمي والدولي في حالة سيولة غير مسبوقة؛ قوىً تتراجع وأخرى تتقدّم، ومفاهيم وترتيبات سياسية وأمنية تتغيّر بسرعة، تجعل ما كان صالحاً في الماضي غير قابل للاستمرار اليوم.
وينطبق هذا التحوّل أكثر ما ينطبق على الفلسطينيين وحركتهم الوطنية، التي تقف أمام منعطفٍ تاريخيٍّ يشبه لحظات ما بعد نكبة 1948 وهزيمة 1967، بل ربّما أشدّ عمقاً وخطورةً، وأكبر دليل على ما سبق أن المطروح تصفية القضية بمكوّناتها كلّها من خلال فرض وضع الفلسطينيين بين خيارين كلاهما مرّ: الإبادة الجماعية أو الفصل العنصري، أو مزيج منهما. وفي أحسن الأحوال "أوسلو" ناقص أو زائد، كما يتضح من خطّة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تهدف إلى إنقاذ إسرائيل من نفسها في مواجهة العزلة والحملة العالمية المتصاعدة ضدّها، والتحضير لتشكيل مجلس وصاية على قطاع غزّة، ونزع السلاح، وإبعاد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن الحكم من دون عودة السلطة إلى قطاع غزّة، إلا بعد وفائها بشروط تعجيزية لا تستطيع الوفاء بها، الأمر الذي إذا طبّق يُكرّس التعامل مع جزء حي وأصيل من الشعب الفلسطيني في غزّة أفراداً يتم تلبية احتياجاتهم الإنسانية ما داموا يقبلون العيش تحت السيطرة الخارجية، بلا هُويَّة ومن دون حقوق وطنية، كما يعمّق فصل الضفة الغربية عن قطاع غزّة، ويمكن أن يكون بروفة لتطبيقها بعد ذلك في الضفة، بما يقطع الطريق على تجسيد استقلال الدولة الفلسطينية. رغم ذلك، ليست خطّة ترامب قدراً محتوماً، بل يمكن إحباطها والسير في طريق تؤدّي إلى دحر الاحتلال وإنجاز الحرية والاستقلال إذا كانت استجابة القيادة الفلسطينية، ومختلف مكوّنات الحركة الوطنية، بمستوى اللحظة التاريخية.