استطلاع: أغلبية الفلسطينيين يرون أن الحرب لم تفرز منتصرًا واضحًا ويدعون إلى الاستقرار والتسوية

بيت ساحور / PNN /  أظهر استطلاع جديد للرأي أن غالبية الفلسطينيين يرون أن الحرب الأخيرة لم تُسفر عن منتصر واضح، بل خلفت خسائر بشرية ومادية فادحة للطرفين، فيما يميل المزاج العام نحو الواقعية السياسية والرغبة في الاستقرار، مع إشادة واسعة بالدور المصري وتقييم متباين للدور الأمريكي.

الاستطلاع الذي أجراه المركز الفلسطيني لاستطلاع الرأي (PCPO)، بإشراف الدكتور نبيل كوكالي، خلال الفترة من 8 إلى 12 أكتوبر 2025، شمل 301 مشاركًا من سكان قطاع غزة ممن تزيد أعمارهم على 18 عامًا. وأظهر أن 71.1% من المستطلَعين يعتقدون أنه “لا يوجد منتصر في الحرب”، مقابل 11.3% رأوا أن إسرائيل هي المنتصرة، و11.0% قالوا إن حركة حماس خرجت فائزة، بينما امتنع 6.6% عن الإجابة.

وقال كوكالي إن نتائج المسح “تعكس وعيًا متزايدًا لدى الفلسطينيين بثمن الحرب الباهظ وميلاً نحو إنهاء دوامة العنف والانتقال من المواجهة إلى منطق التسوية”. وأضاف أن الهدف من الاستطلاع هو “رصد اتجاهات الرأي العام بعد توقف العمليات العسكرية وتقييم الثقة في الأطراف المحلية والدولية”.

غالبية تعتبر الحرب كارثة إنسانية بلا مكاسب سياسية

وفقًا للمسح، 64.1% من المستطلَعين برروا رؤيتهم بأن الحرب سببت دمارًا ومعاناة إنسانية دون تحقيق أي مكاسب سياسية ملموسة. فيما رأى 6.6% أن صمود حركة حماس يمثل “نصرًا معنويًا”، و3.0% قالوا إن إسرائيل استفادت سياسيًا من الحرب. أما 17.6% فقد عبّروا عن مواقف فردية مختلفة، أبرزها أن “المواطن هو الخاسر الأكبر”.

كما أظهر الاستطلاع أن 53.8% من المشاركين شعروا بالفرح أو الارتياح الحذر بعد إعلان وقف الحرب، مقابل 27.0% عبّروا عن الحزن أو القلق أو الإرهاق النفسي، فيما قال 6.6% إن شيئًا لم يتغير في حياتهم اليومية.

إعادة الإعمار والوحدة الوطنية في صدارة الأولويات

احتلت إعادة إعمار المنازل والبنية التحتية المرتبة الأولى في أولويات الفلسطينيين بعد الحرب بنسبة 41.5%، تلتها المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين بنسبة 20.3%، ثم ملف الأسرى والرهائن بنسبة 9.3%. كما رأى 13.0% أن الوحدة الوطنية والمصالحة تمثل أولوية قصوى.

وفي المقابل، أعرب 7.0% من المشاركين عن رغبتهم في الهجرة إلى الخارج، وهو ما وصفه كوكالي بأنه “مؤشر مقلق على تصاعد الإحباط واليأس من التغيير السريع”.

الدور الأمريكي محل انقسام والدور المصري يحظى بإجماع

أبدى الفلسطينيون مواقف متباينة تجاه الدور الأمريكي في إنهاء الحرب؛ إذ رأى 44.5% أن دور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان إيجابيًا بدرجات متفاوتة، مقابل 30.2% وصفوه بالسلبـي، و19.3% اعتبروا أنه لم يكن مؤثرًا. كما قال 54.2% إنهم لا يثقون بترامب، مقابل 35.2% أعربوا عن ثقة جزئية أو كاملة.

في المقابل، أبدى 83.5% من المستطلَعين تقديرهم لدور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، معتبرين أنه كان “فعالاً” في وقف الحرب والتوصل إلى اتفاق تهدئة، مقابل 10.6% وصفوه بغير الفعّال، و5.9% امتنعوا عن الإجابة.

تفاؤل حذر بمستقبل غزة

أشار 40.9% من المشاركين إلى أنهم يتوقعون تحسن الأوضاع في غزة تدريجيًا، بينما توقع 38.9% استمرار الصعوبات لفترة طويلة. في المقابل، أبدى 9.6% تفاؤلهم بإمكانية حدوث تحولات سياسية إيجابية، مثل تشكيل حكومة وحدة وطنية أو زيادة الدعم الدولي.

ويرى الباحثون أن هذه النتائج تعبّر عن “مزاج يجمع بين الأمل المشروط والقلق الواقعي”، إذ يربط معظم الفلسطينيين أي تحسن في الأوضاع بالاستقرار السياسي ونجاح جهود الإعمار.

مشاركة الرئيس عباس في اتفاق شرم الشيخ تحظى بتأييد الأغلبية

هذا و أفاد 56.2% من المستجيبين بأن مشاركة الرئيس محمود عباس في حفل توقيع الاتفاق في شرم الشيخ إلى جانب ترامب وزعماء آخرين “مهمة لتأكيد الشرعية الفلسطينية”، بينما رأى 41.2% أنها غير ضرورية.

منهجية الاستطلاع

تم جمع البيانات من خلال مقابلات هاتفية عشوائية باستخدام نظام إلكتروني، بمعدل استجابة بلغ 75% وهامش خطأ إحصائي قدره ±5.6% عند مستوى ثقة 95%. وبلغ متوسط عمر المستجيبين 35 عامًا، مع توزيع متوازن من حيث النوع الاجتماعي والموقع الجغرافي عبر محافظات قطاع غزة الخمس.

هذا و خلص الاستطلاع إلى أن الفلسطينيين باتوا أكثر ميلاً إلى الواقعية السياسية وإلى تغليب منطق التسوية على منطق المواجهة، مع رغبة واضحة في إعادة الإعمار وتحقيق استقرار دائم على أساس الشرعية الوطنية والدعم العربي والدولي.

وقال الدكتور كوكالي في ختام التقرير إن “الحرب لم تعد تُرى كبطولة، بل كعبء إنساني واقتصادي يهدد مستقبل الأجيال”، مضيفًا أن الرأي العام الفلسطيني “يبحث عن أفق سلام واقعي يضع حدًا لدائرة العنف ويؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار”.

أحدث الاخبار