تقرير PNN: مع تصاعد هجمات المستوطنين في الضفة الغربية دعوات تطالب ان يشمل وقف إطلاق النار الضفة

بيت لحم / PNN / منجد جادو - مع الاعلان عن وقف الحرب على قطاع غزة وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار بناء على خطة الرئيس الامريكي دونالد ترامب ازدادت المخاوف الفلسطينية من تحول العدوان من قطاع غزة باتجاه الضفة الغربية بهدف محافظة نتنياهو على شركائه في اليمين المتطرف وهو ما حدث بالفعل حيث تشهد مدن الضفة هجمات عنيفة للمستوطنين على الفلسطينيين خصوصا المزارعين الذين يسعون للوصول لأراضيهم لقطف محصول الزيتون فلا يكاد يمر يوم الا ويتم فيه توثيق اعتداءات عنيفة بحق المزارعين والمزارعات  كما لا يكاد يمر يوم أيضا بدون عمليات واقتحامات عسكرية للضفة الغربية مما يشير الى سعي الاحتلال لتسخين الضفة الغربية.

قرية المغير شمال رام الله مثالا 

في كل صباح يخرج المزارعون في قرية المغير شمال شرق رام الله لجني ثمار الزيتون التي انتظروها عامًا كاملًا، لم تمضِ ساعات حتى تحوّل الحقل إلى ساحة مطاردة، حين اقتحم عشرات المستوطنين الأراضي الزراعية بين المغير وترمسعيا، وأطلقوا النار، وأحرقوا الأشجار والمركبات، واعتدوا على المزارعين بالعصي والحجارة، هذا ما قالته مواطنة من قرية المغير. 

وأوضحت كنا منذ الصباح نقطف ثمار الزيتون، وفجأة بدأ المستوطنون بالصراخ وإحراق المركبات... ركضنا بين الأشجار، وتعثرنا مرارا في الجبال المحيطة، وأضافت لقد نجونا بأعجوبة.

واظهرت تسجيلات الفيديو لاحد النشطاء الاجانب الذين قدموا لحماية المزارعين ومساعدتهم في قطف زيتونتهم احدى المسنات التي اعتادت ان تشارك عائلتها سنويا موسم قطف الزيتون ولم تستطع الهرب وهي تتعرض للضرب من قبل مستوطن ملثم مما ادى لأصابتها بجروح خطيرة كما تعرض ناشط أجنبي للضرب عندما حاول حمايتها.

اعتداءات المستوطنين تطال محافظات نابلس وسلفيت والخليل وطوباس وبيت لحم والخليل

لم تكن المغير وترمسعيا وحدهما في مرمى الهجوم، إذ شهدت قرى نابلس وسلفيت والخليل وطوباس وبيت لحم اليوم اعتداءات مماثلة، طارد خلالها المستوطنون المزارعين أثناء قطفهم الزيتون، وقطعوا العشرات من الأشجار، وأحرقوا مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وقاموا بسرقة محصول الزيتون الذي جمعوه وسط حماية كاملة من جيش الاحتلال الذي أقام أكثر من ألف حاجز وبوابة عسكرية على مداخل القرى والبلدات الفلسطينية، ما جعل الحركة شبه مشلولة في محافظات الضفة وصعب على المزارعين الوصول لأراضيهم.

خطة التهجير في الضفة تسير قدما 

من ناحيته يقول الناشط الحقوقي في لجان مقاومة الجدار ومواجهة الاستيطان والدفاع عن المواطنين في المناطق C منذر عميرة ان الاوضاع في الضفة اخذة بالانهيار حيث نشهد حملة اسرائيلية مسعورة تعتمد على الاقتحامات والاعتقالات وهدم المنازل ومطاردة المواطنين وترحيلهم من تجمعاتهم السكنية على ايدي جيش الاحتلال و بموازاة ذلك تطلق حكومة وجيش الاحتلال العنان للمستوطنين الذين يعتدون على المزارعين بالضرب واطلاق النار واحراق المركبات الفلسطينية وسرقة محاصيل زراعية من زيتون وغيرها هذا الى جانب سرقة المواشي حيث تحظى هذه الممارسات بحماية من الجيش ورعاية من وزراء الحكومة الفاشية و وزرائها العنصريين.

ويضيف عميرة في حديث مع PNN ان الضفة تشهد تهجير قصري حيث تجبر ممارسات المستوطنين وسلطات الاحتلال المواطنين على النزوح موضحا ان ٤٢ تجمع بدوي اجبروا على الرحيل من مناطقهم والتي تقدر مساحتها على انها أكبر من مساحة قطاع غزة.

واضاف ان الاعتقالات بعد السابع من اكتوبر تضاعفت كما ان وتيرة الاعتداءات تصاعدت مجددا بعد وقف الحرب حيث يسعى نتنياهو لإشغال الاسرائيليين بحرب صامتة في الضفة تقوم على فرض التهجير القسري وقتل الناس وتنفيذ اعتداءات من قبل المستوطنين وعلى راسها الاستيطان الرعوي كما اشار الى العدوان الاسرائيلي في مخيمات ومدن شمال الضفة وأبرزها مخيمات جنين وطولكرم هذا الى جانب السعي لتقويض النظام السياسي الفلسطيني.

وعن موسم قطف الزيتون يقول عميرة انه موسم مميز وله طقوس خاصة معتمدة على قدسية شجر الزيتون ومكانتها في الثقافة الشعبية الفلسطينية القائمة على الفرح بالأرض والمنتج واللمة المجتمعية حول شجرة الزيتون التي تعني الفرح لكن في السنوات الاخيرة حول الاحتلال ومستوطنيه الموسم الى خوف واكتئاب عبر تنفيذ جرائم واعتداءات على المزارعين وحرق منتجاتهم وسرقتها واقتلاع الاشجار وبعد الحرب اصبح الناس يتعرضون لانتهاكات جسيمة تجلت ذروتها هذا العام حيث منع غالبية الناس من الوصول لأراضيهم مما تسبب بخسائر كبيرة اما من يصل لأرضه فهو يتعرض لاعتداءات واذى جسدي ونفسي على ايدي المستوطنين وجنود الاحتلال الذين يتذرعون بان قانون الطوارئ يمنع الفلسطيني من الاقتراب من المستوطنات ٢٠٠ متر لكنهم حولوه لمنعهم من الاقتراب ب ٢٠٠٠ متر للسيطرة على املاك الفلسطينيين حيث اصبح موسم قطف الزيتون موسم خوف وترقب واعتداءات جسيمة على اراضي المناطق المصنفة ج التي تريد اسرائيل ضمها حيث شاهدنا فيها اعتداءات على مسنات في قرى رام الله  ترمسعيا والمغير.

واشار عميرة ايضا الى تنفيذ المستوطنين اعتداءات ضد النشطاء الاجانب وعددهم قليل بسبب اجراءات الاحتلال ومنعه لهم من دخول الاراضي الفلسطينية حيث لم يعد المستوطنين يخافون او يخشون من ضرب هؤلاء الناشطين من الدول الغربية حيث نشهد يوميا اعتداءات عليهم ويتم ضربهم بالعصي وتكسير ايديهم وارجلهم ويقول لهم المستوطنون انهم إذا عادوا سيقومو بقتلهم.

وكشف عميرة ل PNN ان قوات الاحتلال ابعدت هذا العام حتى الان 32 متضامن ومتضامنة من الأراضي الفلسطينية حيث تم ملاحقة جزء كبير منهم من الاراضي الزراعية في قرية حوارة بنابلس الى المنازل التي يسكنون فيها وتجميعهم قبل ترحيلهم كما منعوا المئات منهم من الدخول.

واكد عميرة ان وجود افراد جيش وشرطة الاحتلال هو لحماية المستوطنين ومنع الفلسطينيين من الدفاع عن أنفسهم حيث ان هناك تواطئ واضح بل ان المستوطنين يقوموا بارتداء ملابس الجيش والاعتداء على الناس واحراق مركباتهم وتحطيمها كما حدث في قرية بيتا بنابلس.

واوضح عميرة ان اسرائيل منعت اسطول السفن من الوصول لغزة لكنهم استطاعوا ادخال اسطول الزيتون الذي ضم ٢٠٠ متضامن للضفة الغربية وتوزيعهم على عشرة مناطق وقرى يتعرض فيها الفلسطينيون لملاحقة واعتداءات من قبل المستوطنين والجيش لمنعهم من قطف ثمار الزيتون مشيرا الى ان الاحتلال والمستوطنين يلاحقون كل النشطاء سواء الاجانب وحتى الاسرائيليين ويصفونهم بالخونة لإسرائيل ويعتدون عليهم ومنهم متضامنة تبلغ من العمر ٧٠ عاما لمجرد أنهم جاءوا لمساعدة الفلسطينيين على قطف الزيتون.

واشار الى ان ما جرى في غزة من جرائم ابادة واضحة تمثلت بقصف وقتل وتدمير يسير بخط موازي في الضفة الغربية لتنفيذ اطماع اسرائيل بحرب ابادة من خلال نوع اخر يتمثل بعزل الفلسطينيين في كانتونات ومعازل مفصولة بالجدار واكثر من الف حاجز يتم فيها الاعتداء على المواطنين واذلالهم وسرقة اراضيهم واعتقال الالاف من الفلسطينيين وتقطيع الضفة بالحواجز وانشاء اشكال متعددة من الاستيطان لان هذه الحكومة العنصرية لديها معتقدات عنصرية اتجاه الضفة الغربية التي يرى فيها المستوطنون انها تمثل مملكة يهودا والسامرة التي يجب ان يعاد اقامتها بحيث تكون مملكة نقية يعيش فيها اليهود فقط محذرا من مخططات التهجير والقتل الاسرائيلية في الضفة الغربية.

المستوطنون يتبنون سياسة ممنهجة 

من ناحيته يقول أمير داوود، مدير دائرة التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إن اعتداءات المستوطنين "لم تبدأ هذا الموسم فحسب، بل تصاعدت بشكل ممنهج منذ السابع من أكتوبر2023، في ظل استغلال واضح لظروف الحرب، وتبادل للأدوار بين الجيش والمستوطنين لفرض وقائع على الأرض" مشددا على ان هذا التصعيد تضاعف في الاسابيع الاخيرة بعد توقف الحرب على القطاع ما يشير الى ان نتنياهو وحكومته اطلقوا العنان للمستوطنين واحزاب اليمين المتطرف في الضفة لضمان عدم انهيار الائتلاف الحاكم في اسرائيل.

وأضاف داوود في حديث مع PNN “لم تعد هذه الاعتداءات حوادث فردية، بل هي جزء من مخطط أوسع يستهدف السيطرة على الأغوار والسفوح الشرقية وترحيل التجمعات البدوية، في وقت تجد فيه هذه الجماعات غطاءً كاملاً من حكومة الاحتلال.”

وأوضح داوود أن المرحلة الراهنة "من أخطر المراحل التي تمر بها الضفة الغربية منذ سنوات"، مشيرًا إلى أن “الاحتلال يستخدم المستوطنين كذراع ميداني موازٍ، لفرض واقع استيطاني بالقوة، مستغلًا انشغال العالم بالحرب في غزة.”

وفي السياق ذاته، قال كريم جبران، المتحدث باسم المركز الاسرائيلي لحقوق الانسان بتسيلم، إن ما يجري في الضفة الغربية “يمثل الوجه الآخر للحرب على غزة” موضحًا أن "الاحتلال يشن حربًا مفتوحة على الوجود الفلسطيني من خلال القصف والاقتحامات اليومية، التي أوقعت أكثر من 250 شهيدًا في الضفة منذ بداية العام".

وأشار جبران في حديثه مع PNN إلى أن سلطات الاحتلال "تفرض واقعًا خانقًا على الفلسطينيين عبر أكثر من ألف حاجز وبوابة عسكرية تغلق بها مداخل القرى والبلدات والمدن"، مضيفًا أن هذه الإجراءات "تشكل حصارًا بطيئًا يقطع أوصال الضفة، ويحوّل حياة الناس إلى معركة يومية للوصول إلى أراضيهم أو أماكن عملهم".

وأكد جبران أن اعتداءات المستوطنين "تحولت إلى نشاط دائم على مدار الساعة، تحت حماية مباشرة من الجيش"، لافتًا إلى أن ما يجري في موسم الزيتون الحالي "هو استهداف رمزي ومادي لكل من يتمسك بأرضه، ولكل مظاهر البقاء الفلسطيني".

العالم مطالب بوقف الجرائم 

وتحذر الجهات الحقوقية من أن استمرار هذه الاعتداءات، في ظل تواطؤ جيش الاحتلال وغياب المحاسبة، ينذر بمرحلة أكثر خطورة في الضفة الغربية، قد تشهد مزيدًا من التوسع الاستيطاني وعمليات الترحيل القسري، ما يستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا لوقف الانتهاكات وحماية المدنيين والمزارعين الفلسطينيين في أراضيهم.

وتعليقا على الصمت من الدول الغربية على ما يجري من جرائم ينفذها الاحتلال ومستوطنيه قال الكاتب والمحلل السياسي محمد التاج الذي يعيش في طوباس شمال الضفة التي تعرضت لاجتياح وعمليات عسكرية اسرائيلية ان مشهد الاعتداء على المسنة عفاف ابو عليا في قرية المغير بعصا مستوطن ملثم يعادل في قسوته كل حكايات القهر التي عاشها الشعب الفلسطيني منذ النكبة حيث ظهر مستوطن إسرائيلي ملثم، يحمل عصا خشبية ثقيلة، يهجم فيها على المسنة الفلسطينية التي كانت تجمع زيتون أرضها بيدين أنهكتهما السنين. لم تكن تحمل سلاحا، ولا حجرا، بل سلة زيتون وأملا بأن يكون الموسم هذا العام أكثر سلاما من سابقه. لكن عصا المستوطن كانت أسرع من الطمأنينة، وأقسى من كل المواسم، لتسقط عفاف صالح أبو عليا مغشيا عليها، فيما العالم يكتفي بالمشاهدة.

واضاف المحلل محمد التاج في حديثه مع PNN ان هذه الحادثة ليست مجرد اعتداء فردي، بل مرآة تعكس عقلية استعمارية متجذرة، تُبيح دم الفلسطيني وأرضه وكرامته مشيرا الى ان المستوطنون في الضفة الغربية لا يتحركون فرادى، بل يتحركون بعقيدة مدعومة بالسلاح، وبحماية جيش الاحتلال، وبغطاء سياسي من حكومة يمينية متطرفة تشرعن هذا الإجرام وتعتبره “حقا طبيعيا” في أرض الفلسطينيين.

واشار الى ان الحكومة الإسرائيلية هي المخطط والممول والمشرف على تنفيذ الجرائم بحق المواطن الفلسطيني لان الجيش الذي يفترض أن يمنع الاعتداءات، هو ذاته الذي يرافق المستوطنين، يؤمن لهم الطريق، ويعتقل الفلسطيني إذا حاول الدفاع عن نفسه كما ان الحكومة تغلق ملفات التحقيق، والمحاكم تبرئ القتلة، والكنيست يسن القوانين التي تحميهم مشددا ان هذه الحكومة توفر وتصنع بيئة كاملة من الحصانة، تجعل المستوطن يرفع عصاه مطمئنا بأن لا أحد سيحاسبه، لا قانون ولا ضمير.

وتساءل التاج أين العالم من كل هذا. وأين المنظمات الدولية تصدر بيانات قلق، وتغرد المقررة الأممية فرنشيسكا ألبانيزي غاضبة، لكن لا شيء يتغير على الأرض مضيفا ان المؤسسات الحقوقية، تغرق في التقارير والملفات القانونية، بينما الفلسطيني يدفن أو ينقل إلى المستشفى أو يعتقل، بلا حماية حقيقية، بلا عدالة.

ووجه المحلل والكاتب الصحفي التاج رسالة للمجتمع الدولي بالقول انه إذا كانت عصا مستوطن تكفي لإسقاط امرأة خمسينية على أرض الزيتون، فإن صمت العالم كفيل بإسقاط ما تبقى من إنسانية. 

وشدد على ان الفلسطينيون لا يطلبون شفقة، بل عدالة ولا يطلبون دموعا، بل مواقف كما انهم لا يطلبون خطابات، بل حماية لشعب يقتل لأنه صامد على أرضه ومتمسك بحقوقه فأين أنتم مما يجري في فلسطين.

 

أحدث الاخبار