منظمة البيدر : قرى القدس بين العزل والضم،وتصفية الجغرافيا الفلسطينية

رام الله / PNN -قالت منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة،أنه وتماشيا مع سياسات الضم المزمع تنفيذها من قبل الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، بدأ الاحتلال بفرض وقائع جديدة طالت قرى وبلدات فلسطينية محيطة بالقدس، حيث بدأت السلطات الإسرائيلية بتوزيع بطاقات وتصاريح ممغنطة على سكان حيّ الخلايلة التابع لبلدة الجيب، وبيت إكسا، والنبي صموئيل،هذه البطاقات لا تمنح إلا بشروط، إذ تحدد الأماكن المسموح الوصول إليها والغرض من الدخول، ما يعني عملياً إخضاع هذه التجمعات لأنظمة إسرائيلية خاصة، وإعلان ضم غير معلن، حيث تحول حياة السكان إلى دائرة مغلقة من المراقبة والقيود.

وأضافت ،أنه بالتوازي مع الاعتداءات التي ينفذها المستوطنين على تجمعات البدو الواقعة في محيط القدس، أصدرت سلطات الاحتلال أوامر بمصادرة مساحات واسعة من أراضي بلدة عناتا شمال شرق القدس، وصلت وفق بعض المصادر إلى ١٤٠ دونماً، الهدف المعلن من هذه المصادرات توسيع الطرق وإقامة مواقف سيارات لخدمة مستوطنة معاليه أدوميم، إحدى أكبر المستوطنات الإسرائيلية في المنطقة، هذه المصادرات ليست حادثة معزولة، بل هي جزء من مسار مستمر منذ سنوات يقوم على محاصرة القرى الفلسطينية عبر الحواجز، منع البناء، وشروط إقامة معقدة تطال حتى الزيجات بين سكان هذه المناطق ومواطنين من خارجها.

وعند وضع هذه التطورات في سياق أوسع، يظهر الارتباط المباشر بمخطط E1، وهو المشروع الإسرائيلي الرامي إلى ربط مستوطنة معاليه أدوميم بالقدس عبر شبكة من المستوطنات والطرق، تنفيذ هذا المخطط يعني عملياً إغلاق الممر الجغرافي الذي يربط شمال الضفة بجنوبها، وهو ما اعتبرته جهات دولية كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ضربة قاضية لإمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة، أما نظام التصاريح المفروض على بيت إكسا والنبي صموئيل وحي الخلايلة في شمال غرب القدس، فيشكل أداة للضم الفعلي دون الحاجة إلى إعلان قانوني صريح، إذ يختزل حق السكان في أرضهم بموافقة مكتوبة على بطاقة دخول.

وتأتي مصادرة أراضي عناتا لتضيف حلقة أخرى إلى هذه السلسلة، حيث تهيئ البنى التحتية اللازمة لتعزيز معاليه أدوميم وربطها بمحيطها، ما يعني إضعاف السيطرة الفلسطينية على المنطقة، على الصعيد السياسي، يرافق هذه الإجراءات خطاب متشدد يتبناه وزراء في الحكومة الإسرائيلية، أبرزهم بتسلئيل سموتريتش، الذي طرح علناً خرائط ومشاريع لضم مساحات واسعة من الضفة، مع إقرار بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة،هذه التصريحات، إلى جانب خطوات ميدانية متسارعة، تكشف وجود إرادة حكومية ممنهجة لتقويض أي أفق لحل الدولتين.

النتائج الملموسة على الأرض لا تحتاج إلى كثير من الشرح، إذ أن القرى الفلسطينية يتم تحويلها تدريجياً إلى جيوب معزولة، محاطة بجدران وأسوار وبوابات عسكرية، ما يطيل زمن التنقل ويعقد التجارة والخدمات، اضافة إلى أن النمو السكاني الطبيعي يواجه عراقيل إضافية بفعل قيود الإقامة ومنع البناء، في حين تتآكل فرص التنمية الاقتصادية، وهو ما يجعل سكان هذه التجمعات عرضة لتهجير غير مباشر، أما على المستوى السياسي، فإن ضم مناطق حول القدس وربطها بشبكات استيطانية، إلى جانب المصادرات المتكررة، يرسم واقعاً ميدانياً يقلص المساحة المتاحة لأي دولة فلسطينية قابلة للحياة.

النتائج

أولا: يتضح أن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة في بيت إكسا، النبي صموئيل، حيّ الخلايلة، وعناتا ليست خطوات منفصلة، بل حلقات في سلسلة ممتدة من سياسات الضمّ الزاحف، توزيع البطاقات الممغنطة والتصاريح المشروطة يضع هذه القرى تحت وصاية أمنية وإدارية كاملة، بما يحوّل حق السكان في التنقل والإقامة إلى امتياز قابل للسحب.

ثانيا: المصادرات الجديدة في عناتا تأتي ضمن عملية توسيع ممنهجة لمستوطنة معاليه أدوميم، وتشكل رافعة ميدانية لمخطط E1، الذي يُعتبر أخطر مشاريع الاستيطان والضم لأنه يغلق الممر الجغرافي بين شمال الضفة وجنوبها.

ثالثا: تراكم هذه السياسات يؤدي إلى تفتيت الضفة الغربية إلى جيوب معزولة، ويقوّض النمو السكاني والاقتصادي الفلسطيني من خلال منع البناء وفرض قيود على الإقامة، وهو ما يفتح الباب أمام “التهجير البطيء”، دون الحاجة إلى عمليات ترحيل جماعية مباشرة.

وأخيرا: فإن تصريحات ومشاريع وزراء في الحكومة الإسرائيلية، مثل بتسلئيل سموتريتش، تكشف بوضوح عن نية سياسية لتصفية أي احتمال لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، ما يجعل هذه السياسات الميدانية جزءاً من رؤية استراتيجية أكبر للضم الدائم.

التوصيات

ترى منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة مجموعة من التوصيات الواجب اتخاذها لمواجهة هذا التغول الاستيطاني والضم غير القانوني الذي طال الأرض والإنسان في فلسطين عموما وفي محافظة القدس على وجه الخصوص:

التوثيق الحقوقي: يجب على المؤسسات الفلسطينية والمحلية جمع كل الوثائق ذات الصلة — من البطاقات الموزعة وأوامر المصادرة إلى الصور الجوية والخرائط — لحفظها كأدلة يمكن الاستناد إليها أمام المحاكم أو في المحافل الدولية.

المواجهة القانونية: يتطلب الأمر تقديم طعون عاجلة ضد أوامر المصادرة وسياسات التصاريح أمام المحاكم الإسرائيلية، مع توازي ذلك بتفعيل القنوات الدولية (محكمة العدل الدولية، مجلس حقوق الإنسان) لإبراز الطبيعة غير القانونية لهذه الإجراءات.

الضغط الدبلوماسي والإعلامي: يجب استثمار المواقف المعلنة من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ضد مخطط E1 وتوسيع المستوطنات، عبر حملات ضغط دبلوماسي موجهة إلى العواصم المؤثرة، مع تزويدها ببيانات دقيقة وخرائط توضح أثر هذه السياسات على الأرض.

تعزيز الصمود المجتمعي: دعم مشاريع تنموية وخدماتية داخل هذه التجمعات لتقليل تبعيتها للبنى التحتية الإسرائيلية، وتوفير بدائل اقتصادية وصحية وتعليمية تساهم في تثبيت السكان بأرضهم.

أحدث الاخبار