(هذه المادة الثانية من أربع مواد متصلة بالسويداء وسيرة دروز جبل العرب في التاريخ الحديث، ننشرها تباعًا على موقع عرب ٤٨).
استولى إبراهيم باشا، قائد الحملة المصرية المعروفة (1831–1840)، على كل بلاد الشام، إلى حدٍّ كاد يُسقط فيه عاصمة الدولة العليّة، إسطنبول، لولا تدخّل جيوش الدول الأوروبية ومنعه من ذلك. بينما في الشام، اشتعلت في كل جبالها الثورة عليه وعلى حكمه منذ عام 1834، حين أثقل الباشا المصري فلاحي الشام بالضرائب التي رفضوها، ثم فرض عليهم الخدمة الإلزامية في جيشه، مما أشعل فتيل الثورة... بينما في جبل حوران (جبل الدروز)، تقول الرواية عن ثورتهم على الحكم المصري:
إن يحيى الحمدان، شيخ مشايخ الجبل، قد توجّه على رأس وفدٍ من الجبل، بطلبٍ من "حكمدار الشام" شريف باشا، لمقابلته ومفاوضته حول إلغاء تجنيد دروز الجبل، بعد أن أوعز إبراهيم باشا لحكمداره في الشام بضرورة تجنيدهم. ولمّا حاول الشيخ الحمدان إقناع الحكمدار شريف باشا بإعفاء الدروز من الخدمة العسكرية، تشدّد هذا الأخير، وألحّ على الحمدان تنفيذ أوامر إبراهيم باشا، ويُقال إنه لطم شيخ الجبل على وجهه وأمهله عشرة أيام كي يقدّم مجنّديه (1). لطمة أهانت شيخ الجبل أشعلت هذا الأخير كله، ليخوض دروز حوران أكبر مواجهة عرفوها ضد سلطة دمشق في القرن التاسع عشر.