غزة / PNN - وجّه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، انتقادات لدول الاتحاد الأوروبي، لعدم اتخاذها قرارات بفرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي، وقال إن ذلك يُغذّي الإبادة الجماعية في غزة ويكرّس الاحتلال غير القانوني للأرض الفلسطينية المحتلة.
وأكد المرصد في تصريح صحافي، أن امتناع الاتحاد الأوروبي عن اتخاذ أي إجراء فعلي لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة “يُشكّل تقاعسًا فادحًا عن الوفاء بالتزاماته القانونية الدولية، وعلى وجه الخصوص التزامه بمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”.
وأشار إلى أن ذلك يسهم بصورة مباشرة في “استمرار الجريمة المرتكبة بحق الفلسطينيين في القطاع، ويمنح إسرائيل ليس فقط حصانة فعليّة من المساءلة، بل يرقى إلى مكافأتها على جرائمها”، لافتا أيضا إلى أن هذا الأمر يُجرد الاتحاد الأوروبي من أي مشروعية قانونية أو أخلاقية في مواقفه المُعلنة بشأن العدالة وحقوق الإنسان، ويقوّض ما تبقى من أسس النظام الدولي ومبادئ المساءلة.
وأوضح أن الموقف الذي تبنّاه وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين خلال اجتماع مجلس الشؤون الخارجية الأخير، والمتمثّل بالاكتفاء بـ”مراقبة التزام إسرائيل بالاتفاق الأخير لتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة عن كثب”، مع إرجاء الاتفاق مجددًا على قائمة من عشرة خيارات للرد على الجرائم الإسرائيلية، “يعكس غيابًا مدويًّا للإرادة السياسية في ممارسة أي ضغط فعلي، ويجسّد إصرار العديد من الدول الأعضاء على التواطؤ الفعلي مع إسرائيل في جرائمها، ومنحها ضوءًا أخضر للاستمرار في استهداف المدنيين وتدمير مقومات بقائهم”.
وحذر المرصد الأورومتوسطي من أن الإصرار الأوروبي المتكرر على الحديث عن “تسهيل دخول المساعدات” لا يُعدو كونه محاولة مكشوفة لـ”تبييض وجه الاحتلال أمام الرأي العام”، في ظل غياب أي خطوات عملية وموثوقة حتى الآن لفتح المعابر بشكل كامل أو لضمان تدفّق كافٍ وآمن للمساعدات.
وأكد المرصد أن هذا النهج لا يعبّر فقط عن تقاعس، وقال: “بل يرتقي إلى شراكة فعلية في هندسة التجويع، ويشكّل الوجه الآخر للدور الدموي الذي تؤديه منظمة غزة الإنسانية، حيث تحوّلت نقاط توزيع المساعدات التي تُشرف عليها إلى ساحات قتل جماعي”.
وقالت ليما بسطامي، مديرة الدائرة القانونية في المرصد الأورومتوسطي: “إن حصر الاتحاد الأوروبي مطالبه بإرسال صناديق الطعام إلى غزة، في وقت تُباد فيه عائلات بأكملها، ويُقتل عشرات الأطفال يوميًا، وتُرتكب فيه جريمة إبادة جماعية شاملة بحقّ شعب أعزل، يُمثّل خيانة صريحة أولًا للإنسانية بأكملها، وثانيًا للمسؤولية القانونية والأخلاقية الملقاة على عاتقه في وقف واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ الحديث ومحاسبة مرتكبيها”.
وأشارت إلى تقليص هذا الرعب إلى أزمة إنسانية عابرة، واختزاله في ملف لوجستي يُقاس بعدد الشاحنات والمعابر، يُعرّي “زيف الخطاب الأوروبي” بشأن القيم والكرامة وحقوق الإنسان، وقالت “ويكشف في الوقت ذاته أن الموقف العملي للاتحاد لا يكتفي بالوقوف إلى جانب آلة القتل والتدمير، بل يشارك في تغذيتها، فغزة لا تواجه أزمة غذاء، بل مواجهة مفتوحة مع مشروع تجويع واقتلاع واستئصال لشعب من أرضه”.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ الحكومات الأوروبية تواصل، من خلال أفعالها وتقاعسها، توفير غطاء سياسي وقانوني لانتهاكات إسرائيل، رغم وجود تقييمات رسمية داخلية وتصريحات علنية تُقرّ بارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك أفعال قد تشكل جريمة إبادة جماعية.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن هذا التواطؤ يتعمق بفعل ازدواجية المعايير، إذ تستمر بعض الحكومات الأوروبية بإصدار بيانات شكلية تدين “الهجمات غير المتناسبة” من إسرائيل، في الوقت الذي تواصل فيه تزويدها بالأسلحة والتقنيات العسكرية وتقديم الدعم الاستخباراتي، مشددًا على أنّ هذه الممارسات لا تعكس دبلوماسية مبدئية، بل استعراضات دعائية تساهم فعليًا في تمكين إسرائيل من ارتكاب المزيد من الجرائم.
وطالب الاتحادَ الأوروبي بالانتقال الفوري من بيانات المراقبة والتعبير عن “القلق” إلى خطوات عملية ملموسة تضع حدًا للتواطؤ، وتفكك أدوات التمكين التي تتيح استمرار الجريمة.